للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبدأ دائرة هذا السعير تتسع شيئا فشيئا، كالحريق في الهشيم، الذي يأكل الأخضر واليابس، ويدمر ما امتدت إليه نار هذا الحريق.

فإن شياطين الإنس، وأهل الأهواء، ومن في قلبه مرض، سواء كان بالنفاق: مرض الشهوة والهوى أو مرض التقليد والسير بغير هدف أو المرض الأشد وهو الحسد والكراهية، بدون أن يفكر إلا فيما يتضمنه الحسد المذموم ممن يلتئم جمعهم، (كما تلتئم الأكلة على قصعتها) (١) كل واحد من هذه الفئات يزيد نار الفتنة اشتعالا، ليعود بثمرة ظاهرة أو محسوسة؛ لأن القلوب لم تحصن بالإيمان الصادق، فكانت مرتعا للأفكار الرديئة، التي تضر بالأمة، ولم يكن العقل محصنا بنور الثبات على الحق، ليتبصر ويسترشد، ولا بنور الإرشاد وحسن العقيدة، فلا يستفيد من ذلك الوضع غير الأعداء المتربصين بالأمة الإسلامية، لإفسادها وخلخلة صفوفها، بما أصاب أمنها من جراء هذه الفتنة الموجهة من الأعداء للإساءة والإضرار حسدا، وحبا في النفاذ للمجتمع الإسلامي، وتسييره كيفما يريدون، خلف شعارات مختلفة وحسبما مر بنا: فإن الفتنة أنواع: منها فتنة المال، وفتنة النساء، وفتنة الهوى وحب التسلي، وفتنة الشهوات، وفتنة الشبهات، وفتنة الولد والأهل، وفتنة الجور والبغي وغيرها من الفتن التي تتلبس بأزياء


(١) تشبيه وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث الفتن.