للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على أمته باجتناب طريق الشر، وعدم الوقوع في المحاذير التي تقودهم إلى المهالك، فإنه يحذرهم من الفتن، ويدعوهم إلى عدم الخوض فيها، بل واجتنابها، ومن ثم الانعزال عمن دخل فيها، في مثل هذا الحديث الذي رواه البخاري بسنده، إلى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأورده البخاري في باب الفتن، قال أبو إدريس الخولاني: سمعت «حذيفة بن اليمان، يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني.

فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن يكن لهم إمام ولا جماعة؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك (١)».


(١) يراجع صحيح البخاري المتن ٦: ٩٣، وعند مسلم المتن أيضا ٥: ٧٢٩ - ٨١٣ وفيه أحاديث أخرى في الفتن، وانظر النهاية لابن كثير ١: ١٦.