للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - أما في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان من رؤوس المنافقين، المثيرين للفتنة ضد الرسول ودعوته، عبد الله بن أبي بن سلول، الذي جاء من خبره في سورة المنافقين هذا القول الكريم: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} (١) يعني بالأعز نفسه، وبالأذل رسول الله، فلما جمع ابنه مقالة أبيه، التي فضحه الله بها في القرآن، أخذ سيفه فأناخ على مجامع طرق المدينة، فمنعه من دخولها حتى يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائلا لأبيه: والله إن رسول الله هو الأعز، وأنت الأذل.

فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلى سبيله، بإفساح الطريق لدخوله، وقال: والله لو أذن لي رسول الله في قتله لقتلته (٢)، ولم تأخذه في الحق لومة لائم؛ لأنه رضي الله عنه يعلم أن والده من مثيري الفتنة وزعمائها، فقدم الدفاع عن دين الله الحق، وعن رسول الله على والده، وما كلامه الذي بثه في نفر من المنافقين إلا بداية في تحريك الفتنة النائمة.

وقد أبان البغوي في تفسيره على هذه السورة نماذج من منافقي المدينة، وإثارتهم للفتن (٣). وفي هذا السياق جاء خبر الريح


(١) سورة المنافقون الآية ٨
(٢) يراجع في سبب وحكاية ابن أبي وما قال: ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير ٨: ٢٦٩ - ٢٧٢.
(٣) تفسير البغوي: معالم التنزيل ٨: ١٣٠ - ١٣٣.