للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في سورتي الأحزاب والحشر وغيرهما.

فقد صور الله البلاء الذي نزل في قلوب الصحابة، وامتنانه سبحانه بصرف ذلك عنهم، وعودة الأحزاب خائبين فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} (١) {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} (٢) {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (٣).

ظن مثيرو الفتنة ومحزبو الأحزاب، أن عملهم الذي اعتمدوا فيه على أنفسهم وتحزبهم نافع ومفيد ونسوا قدرة الله وحمايته لدينه ونبيه والمؤمنين، محققا لهدفهم في إطفاء نور الله، ومسكتا لصوت الدعوة، والقضاء على رسالة الله، والحامل لواءها.

لكن الله سبحانه أبطل كيدهم، وفرق جمعهم وأنزل الرعب في قلوبهم، ونشر سبحانه خزيهم بقرآن يتلى إلى يوم القيامة، حتى يعرف المسلمون، ويدركوا فضل الله الذي صرف عنهم هذه الفتنة العظيمة، ولتكون واقعهم عبرة وعظة، ليصرف أنصار دين الله، في كل زمان ومكان الطوابير التي تخفي نواياها، وتندس في صفوف


(١) سورة الأحزاب الآية ٩
(٢) سورة الأحزاب الآية ١٠
(٣) سورة الأحزاب الآية ١١