للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنبياء وحي - ففهم الإشارة وعرف المراد، فجاء بابنه المطلوب وعرض عليه الأمر قائلا: {قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} (١)، فما الموقف الذي اتخذه الفتى إسماعيل وقد طلب منه تقديم عنقه للسكين، بعد أن اشتد ساعده وصلب عوده ونضر شبابه؟!! لقد تمثل موقفه عليه السلام بجملتين قالهما لأبيه خلدتاه في سجل الأنبياء الصابرين، وجعلتا منه قدوة للمؤمنين الصالحين: {قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (٢). وصدق العمل القول، وأسلم الوالد ولده، وأسلم الولد عنقه، وتله أبوه للجبين، وتهيأ للذبح بالسكين. وهنا كان الابتلاء قد بلغ غايته، وحقق ثمرته، حيث نفذ الوالد وولده ما أمرهما الله به دون تردد أو ارتياب، ونجحا في الامتحان، فلا غرو أن جاءت البشرى من السماء بقوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ} (٣) {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (٤) {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} (٥) {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (٦). (٧)

وقد كان الهادي الأمين صلى الله عليه وسلم إماما لأمته، وقدوة في صبره على طاعة ربه، ضرب مثلا عاليا في جهاده لأعداء


(١) سورة الصافات الآية ١٠٢
(٢) سورة الصافات الآية ١٠٢
(٣) سورة الصافات الآية ١٠٤
(٤) سورة الصافات الآية ١٠٥
(٥) سورة الصافات الآية ١٠٦
(٦) سورة الصافات الآية ١٠٧
(٧) انظر: د. يوسف القرضاوي، الصبر في القرآن، ص ٧٤، ٧٥.