للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: مشهد محبته سبحانه، فيترك العبد معصيته محبة له، فإن المحب لمن يحب مطيع، وأفضل الترك ترك المحبين، كما أن أفضل الطاعة طاعة المحبين. ومقتضى محبة العبد لله أن يحب ما يحبه الله ويبغض ما يبغضه الله. ولذا يقول يحيى بن معاذ: ليس بصادق من ادعى محبة الله عز وجل ولم يحفظ حدوده.

الرابع: مشهد النعمة والإحسان، فإن الكريم لا يقابل بالإساءة من أحسن إليه، وإنما يفعل ذلك لئام الناس، فمقتضى إحسان الله وإنعامه على عبده اجتناب هذا العبد معصية ربه، حياء منه سبحانه. فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «استحيوا من الله حق الحياء، قالوا يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى (١)».

يقول ابن القيم: وليمنع المؤمن مشهد إحسان الله تعالى


(١) رواه الترمذي في سننه في كتاب صفة القيامة، الباب (٢٤)، الحديث رقم ٢٤٦٣، ج ٤ ص ٦٣٧، وقال: هذا حديث إنما نعرفه من هذا الوجه. كما رواه الحاكم في المستدرك في كتاب الرقاق، الحديث رقم ٧٩١٥، ج ٤ ص ٣٥٩، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.