للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيؤمن أهل السنة بأن الله على كل شيء قدير، يقدر أن يهدي العباد ويقلب قلوبهم، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في ملكه ما لا يريد ولا يعجز عن إنفاذ مراده، وأنه خالق كل شيء من الأعيان والصفات والحركات، ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل وأنه مختار، ولا يسمونه مجبورا؛ إذ المجبور من أكره على خلاف اختياره، والله - سبحانه - جعل العبد مختارا لما يفعله، فهو مختار مريد، والله خالقه وخالق اختياره، وهذا ليس له نظير، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله " (١).

ويقول في موضع آخر: والعباد فاعلون حقيقة، والله خالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة، والله خالقهم وقدرتهم وإرادتهم، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (٢) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٣)، وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي - صلى الله عليه


(١) انظر: الفتاوى ٣/ ٣٧٣، ٣٧٤، وسطية أهل السنة بين الفرق ص ٣٨٣ - ٣٨٧.
(٢) سورة التكوير الآية ٢٨
(٣) سورة التكوير الآية ٢٩