للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه لكنه ليس بمحل لوجوب الزكاة فيه ... ) (١).

والذي يظهر لي أن ما ذكروه من أمثلة ليس المؤثر فيه الحقيقة والمجاز في اللغة، بل هو اختلاف الحقيقة عرفا، فقد يتعارف الناس على خروج المنفعة عن مسمى المال، وعلى حسب عرفهم تفسر ألفاظهم في الأيمان والوصايا والإقرارات ونحوها مما عماده الألفاظ. وهذه القاعدة -أعني قاعدة حمل ألفاظ الناس على أعرافهم وتقرير موجباتها بناء على العرف- قد أكد عليها جمع من العلماء المحققين، وذكروا أن العرف قرينة تصرف اللفظ، بناء على أن العرف اصطلاح حادث طرأ على أصل اللغة، فهو مقصود المتكلم عند الإطلاق، ما لم ينص على خلافه.

يدل على ذلك: أنه مع تسليم الحنابلة بدخول المنافع في مسمى المال نجد الفتوحي -رحمه الله- يعرف البيع في المنتهى بقوله: (مبادلة عين مالية، أو منفعة مباحة مطلقا، بإحداهما، أو بمال في الذمة ... ) ويقول في الشرط الثالث من شروط البيع: (كون مبيع مالا؛ وهو ما يباح نفعه مطلقا واقتناؤه بلا حاجة) (٢) ويعلق


(١) المبسوط (٢/ ١٩٦).
(٢) منتهى الإرادات للفتوحي تحقيق: عبد الغني عبد الخالق (١/ ٢٥٥ و٢٥٦).