للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهم يثبتون لله صفاته على ما يليق بجلاله وعظمته من غير أن يحرفوها عما وضعت له، أو يمثلوا بها صفات المخلوقين، على حد قوله تعالى في سورة الشورى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١).

وأن كل ما ثبت للمخلوق من كمال لا نقص فيه بوجه فلله أكمله، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص لا كمال فيه بوجه من الوجوه فالله أولى بالتنزه عنه.

وهم في ذلك بين اليهود المشبهة الخالق بصفات المخلوقين كالفقر والتعب والنصب. . .، والنصارى الواصفين المخلوقين بصفات الخالق كما في عيسى ابن مريم وأمه عليهما السلام.

فلهذا عبدوا إلها واحدا عرفوه بقدرته وعظمته، كما عرفوه بصفاته وأسمائه التي عرفهم بها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يتكلمون إلا بما يرضى به ويحبه؛ لأنه يسمع كلامهم ولا يفعلون إلا ما يرضاه، ويتجنبون ما يسخطه لأنه يراهم.

وأن قلوب الناس بين إصبعين من أصابعه تعالى يقلبها كيف يشاء.

وهم يسألونه ويدعونه ويستغفرونه خاصة في آخر الليل؛ لأنه ينزل ليجيب دعاءهم، ويعطي سائلهم، ويغفر لمستغفرهم.

فكانوا بهذا أصلح الناس وأعبدهم لربهم، وحسبك بالصحابة،


(١) سورة الشورى الآية ١١