للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البشر.

مما بان للملائكة عليهم السلام في فهمهم المحدود بعدما أخبرهم رب العزة والجلال بخلق آدم، وأنه مستخلفه وذريته في الأرض، يقول سبحانه: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (١)، إخبار من الله سبحانه لهم، لا مشورة ولا استئذان، فقالوا بحسب معهودهم فيمن سكن الأرض قبل آدم وذريته، من الجن وما أحدثوه من فساد وتدمير وانتهاك؛ لأنهم جعلوا شرع الله وراء ظهورهم، واتبعوا أهواءهم، ليقيسوا شيئا مشاهدا بأمر مغيب عنهم؛ لأن لله الأمر وهو أحكم الحاكمين، ويستأثر جل وعلا بعلم الغيب: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} (٢).

فكان ردهم المتضمن لفهم ما يدور في معهودهم: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} (٣)، فأسكتهم جواب عالم الغيب الذي يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، ولا راد لقضائه وقدره، عن هذه المقولة بما يبين عظمته سبحانه، وأن علم الخالق المبدع الأزلي لا ترقى إليه علوم


(١) سورة البقرة الآية ٣٠
(٢) سورة الرعد الآية ٩
(٣) سورة البقرة الآية ٣٠