للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخلوقين؛ لأن المخلوق سمته القصور: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (١).

ذلك أن علم المخلوق قاصر مهما كان، وعلم الخالق سبحانه فيه الكمال والعز والاستمرارية قديما وحاضرا ومستقبلا؛ لأنه سبحانه عالم بعباده، وما تصلح به أمورهم في كل زمان ومكان.

وهذا ما يحسن بمن يقارن بين الشريعة التي هي من عند الله، والقانون أو القوانين الكثيرة التي أحدثتها البشرية، منذ خلق الله آدم واستخلفه وذريته في الأرض، وما سوف تتفتق عنه عقول البشر المتذبذبة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ولقد تحدث كثير من علماء الإسلام في مقارنة بين الثرى والثريا، بين الشريعة والقوانين، لنأخذ منه دليلا محسوسا، وليدرك منه من ينبذ أحكام الشريعة؛ لأنه لا يطمئن إلا بما يقرب المعقول بالمحسوس عنده، وذلك من باب مخاطبة عقول الناس بما تدركه وتعقله، كما قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: " حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟ ".

وإن من علم الله ما تدل عليه إجابة الرب الكريم للملائكة: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٢)، علمه سبحانه بأحوال عباده، ما شرع في كل أمة من الأمم من الخير الذي فيه مصلحتهم ونفعهم ليعملوه، ومن


(١) سورة البقرة الآية ٣٠
(٢) سورة البقرة الآية ٣٠