للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يوجد فرق بين الفعل الذي نفي عن العبد والكسب الذي أثبت له (١).

ثم إنه (من المستقر في فطر الناس أن من فعل العدل هو عادل، ومن فعل الظلم فهو ظالم، ومن فعل الكذب فهو كاذب، فإذا لم يكن العبد فاعلا لكذبه وظلمه وعدله، بل الله فاعل ذلك لزم أن يكون هو المتصف بالكذب والظلم) (٢)، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

فالأشاعرة لم يجعلوا العبد فاعلا حقيقة، بل جعلوا ما يصدر عنه من أفعال حاصلا بالقدرة القديمة عند الاقتران بالقدرة الحادثة، دون أن يكون للعبد أي تأثير في الفعل.

يقول الإيجي مقررا مذهب الأشاعرة في هذا الأمر: (المقصد الأول في أفعال العباد الاختيارية وأنها واقعة بقدرة الله وحدها وليس بقدرتهم تأثير فيها، بل الله تعالى أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختيارا، فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما فيكون فعل العبد مخلوقا لله إبداعا وإحداثا، ومكسوبا للعبد، والمراد بكسبه إياه مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون منه تأثير). (٣).

والظاهر أن الذي حملهم على ذلك هو عدم تصورهم للجمع بين كون الله خالقا لأفعال العباد، وكون العباد فاعلين حقيقة، وهم بقولهم هذا أرادوا أن


(١) انظر: موقف ابن تيمية من الأشاعرة ص (١٤١٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ١١٩ - ١٢٠).
(٣) انظر المواقف في علم الكلام للإيجي ص (٢٣٧).