للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوفقوا بين الجبرية والقدرية ولكنهم عجزوا عن فهمها فضلا عن إفهامها لغيرهم.

وقد بين هذا الأمر شيخ الإسلام ابن تيمية: وأزال ما فيه من اشتباه فقال: " قول القائل: هذا فعل هذا، وفعل هذا، ... لفظ فيه إجمال، فإنه تارة يراد بالفعل نفس الفعل، وتارة يراد به مسمى المصدر - أي المفعول - فيقول: فعلت هذا أفعله فعلا، وعملت هذا أعمله عملا، فإذا أريد بالعمل نفس الفعل الذي هو مسمى المصدر، كصلاة الإنسان وصيامه ونحو ذلك، فالعمل هنا هو المعمول، وقد اتحد هنا مسمى المصدر والفعل، وإذا أريد بذلك ما يحصل بعمله كنساجة الثوب، وبناء الدار، ونحو ذلك، فالعمل هنا غير المعمول، قال تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} (١)، فجعل هذه المصنوعات معمولة للجن.

والمقصود هنا أن القائل إذا قال هذه التصرفات فعل الله أو فعل العبد، فإن أراد بذلك أنها فعل الله بمعنى المصدر فهذا باطل باتفاق المسلمين، وبصريح العقل، ولكن من قال: هي فعل الله، وأراد به أنها مفعولة مخلوقة لله كسائر المخلوقات فهذا حق ... " (٢).


(١) سورة سبأ الآية ١٣
(٢) أقوم ما قيل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل (٨/ ١٢١ - ١٢٢).