للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا فإضافة الفعل إلى العبد هي من باب إضافة المسبب إلى سببه، وإضافته إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى الخالق.

يقول ابن القيم: (الفعل وقع بقدرة الرب خلقا وتكوينا، كما وقعت سائر المخلوقات بقدرته وتكوينه، وبقدرة العبد سببا ومباشرة، والله خالق الفعل، والعبد فعله وباشره، والقدرة الحادثة وأثرها واقعان بقدرة الرب ومشيئته). (١).

وأما استدلالهم بالآيات التي قد يفهم من ظاهرها سلب العبد قدرته واختياره، وأن الفاعل هو الله وحده، كقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٢)، وقوله تعالى: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} (٣)، ونحو ذلك من الآيات ... فيقال فيه: نعم، إن ظاهر قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٤) أنه سبحانه هو الخالق وحده، وما سواه مخلوق، وهذا حق، فالله سبحانه بذاته وصفاته الخالق، وكل ما عداه فهو مخلوق، ولا يخص شيء من هذا العموم، فتدخل أفعال العباد من جمله المخلوقات، ولكن لا يلزم من قولنا: إن الله خالق أفعال العباد، أن يكون العباد مجبورين ومضطرين على أفعالهم، بل لهم قدرة ومشيئة واختيار، كما جاءت بذلك النصوص الشرعية، وليس في إثبات القدرة


(١) شفاء العليل ص (٣١١).
(٢) سورة الزمر الآية ٦٢
(٣) سورة الرعد الآية ١٦
(٤) سورة الزمر الآية ٦٢