ونرد على هذه الشبهة بأن نقول: إن هذه الشبهة ناشئة من أمرين:
أحدهما: عدم التفريق بين الخلق والمخلوق.
الثاني: عدم التفريق بين نوعي الإرادة والأمر، والظن بأن الإرادة توافق الأمر، وتستلزم المحبة والرضا دائما.
وبمعرفة الصواب في هاتين المسألتين تزول أكثر الإشكالات في هذا الباب، كما أنه يمكن الرد على كل الشبه التي يثيرها القدرية، والتأويلات التي يؤولون بها النصوص الشرعية المخالفة لآرائهم بذلك.
- فأما المسألة الأولى، وهي الفرق بين الخلق والمخلوق، فالصواب في ذلك ما عليه أهل الحق أهل السنة والجماعة من أن الفعل غير المفعول، والخلق غير المخلوق، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: في بيان هذه المسألة: " والتحقيق ما عليه أئمة السنة، وجمهور الأئمة، من الفرق بين الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق، فأفعال العباد هي كغيرها من المحدثات مخلوقة، مفعولة لله، كما أن نفس العبد وسائر صفاته مخلوقة مفعولة لله، وليس ذلك نفس خلقه وفعله، بل هي مخلوقة ومفعولة، وهذه الأفعال هي فعل العبد القائم به ليست قائمة بالله، ولا يتصف بها، فإنه لا يتصف بمخلوقاته ومفعولاته، وإنما يتصف بخلقه وفعله، كما يتصف بسائر ما يقوم بذاته، والعبد فاعل لهذه الأفعال، وهو المتصف بها، وله عليها قدرة، وهو فاعلها باختياره ومشيئته، وذلك كله مخلوق لله، فهي فعل