للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العبد، وهي مفعولة للرب " (١).

ففرق بين فعل الله تعالى القائم به، ومفعولاته المنفصلة عنه الكائنة بفعله، يقول الحافظ ابن القيم: " اعلم أن الرب سبحانه فاعل غير منفعل، والعبد فاعل منفعل، وهو في فاعليته منفعل للفاعل الذي لا ينفعل بوجه .. ".

ثم ذكر أمثلة وأدلة على ذلك، ومنها: نطق العبد، فإن نطقه حقيقة وإنطاق الله له حقيقة، كما قال سبحانه: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} (٢).

ثم قال ابن القيم: " فالإنطاق فعل الله الذي لا يجوز تعطيله، والنطق فعل العبد الذي لا يمكن إنكاره، كما قال تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (٣)، فعلم أن كونهم ينطقون هو أمر حقيقي حتى شبه به في تحقيق كون ما أخبر به، وأن هذا حقيقة لا مجاز ". (٤).

فالحق " أن الله سبحانه أفعل العبد، والعبد فعل، فهو الذي أقام العبد، وأضله، وأماته، والعبد هو الذي قام وضل ومات ". (٥).


(١) مجموع الفتاوى (٢/ ١١٩ - ١٢٠)، وانظر أيضا: (٦/ ٢٣٠ - ٢٣٢).
(٢) سورة فصلت الآية ٢١
(٣) سورة الذاريات الآية ٢٣
(٤) شفاء العليل ص (٢٨٥).
(٥) المصدر السابق ص (٢٨٨).