للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا فلا تلازم بين خلق الله الشيء والرضا به.

ولا يلزم الرضا بكل ما خلق، بل من مخلوقاته ما لا يجوز الرضا به، كالكفر والفساد، كما قال تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (١)، وقال تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (٢).

كما أنه سبحانه لا يأمر شرعا بكل ما يريده كونا، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} (٣).

وبهذا ندرك أن الله تعالى خالق كل شيء، وأن وجود الشرور والفساد والقبائح في مخلوقاته لا يخرجها عن كونها مخلوقة له، ولا يلزم من كون الله خالقا لها تنقص ولا قدح في ذات الرب ولا صفاته سبحانه وتعالى؛ لأن إيجاد الله سبحانه وتعالى ومشيئته لها لحكم يعلمها عز وجل، منها الاختبار للعباد.

وأما تأويلهم للآيات التي علقت الهداية بمشيئة الله، كقوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} (٤)، ونحوها من الآيات التي أولوها، على معنى: لو شئنا لأجبرناهم على الإيمان، ولكن هذا لم يحصل (٥).

فالجواب عنه: بأن نعلم أن القدرية إنما أرادوا بهذا التأويل نفي هداية


(١) سورة الزمر الآية ٧
(٢) سورة البقرة الآية ٢٠٥
(٣) سورة الأعراف الآية ٢٨
(٤) سورة السجدة الآية ١٣
(٥) انظر متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار ص ٣٧١، وشرح الأصول الخمسة ص ٣٦٢.