للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسمائه وصفاته ... (١).

وأما تأويلهم قوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ} (٢)، بمعنى: يكلف من يريد، أو الهداية إلى الثواب، فهذا خلاف ظاهر الآية، بل معناها: أنه سبحانه يهدي من يشاء إلى طريق الحق ابتداء، وله الحكمة التامة والحجة البالغة في ذلك (٣).

ويجوز أن يكون معناها أنه سبحانه يزيد من اهتدى هدى (٤).

وتأويلهم لهذه الآية ونحوها بمعنى: يكلف من يريد، باطل، فإن التكليف عام، والهدى المذكور في الآية خاص، والهدى للثواب حاصل لكل من استحقه، بل ذلك واجب على أصل القدرية، فلا يكون للتقييد بالإرادة معنى، فوجب أن يكون الهدى المذكور خاصا ببعض المكلفين، وليس هذا إلا التوفيق الذي يمن الله به على من يشاء من عباده، وهم المؤمنون المهتدون.

وقد رد عليهم الجويني في تأويلهم للهداية على معنى الإرشاد إلى طريق الجنان، كما في قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٥)، فقال: (فخصص الهداية وعمم الدعوة.


(١) شفاء العليل ص (١٩١ - ١٩٢).
(٢) سورة الحج الآية ١٦
(٣) انظر تنزيه القرآن عن المطاعن للقاضي عبد الجبار ص (٢٧١).
(٤) انظر: تفسير ابن كثير (٤/ ٦٢١)، وفتح القدير للشوكاني (٣/ ٤٤١).
(٥) سورة يونس الآية ٢٥