للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لظاهر الأمر في قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (١) غير أن الذي عليه عامة أهل العلم هو استحباب الشهادة لا وجوبها قال ابن العربي - رحمه الله -: والظاهر الصحيح أن الإشهاد ليس واجبا، وإنما الأمر به أمر إرشاد للتوثق والمصلحة، وهو في النسيئة محتاج إليه لكون العلاقة بين المتعاقدين باقية، توثقا لما عسى أن يطرأ من اختلاف الأحوال وتغير القلوب " (٢).

وقد جاء تقييد الشهادة بقوله: " {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (٣) ... " وهم أهل العدالة والفطنة، وسبب ذلك؛ لأن الشهادة ولاية عظيمة تقتضي تنفيذ القول على الغير بدون رضاه ... ولهذا وجب أن يكون لصاحبها شمائل ينفرد بها وفضائل يتحلى بها، حتى يكون له على غيره مزية توجب له رتبة الاختصاص بقبول قوله على غيره، والحكم بشغل ذمة المطلوب بالدين بشهادته عليه (٤). والبينات مرتبة بحسب الحقوق المشهود فيها، ويختلف عدد الشهود من حكم لآخر حسب الشهود فيه أيضا، كما هو موضح في كتب الفقه ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء حتى


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٢) انظر أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢٥٨).
(٣) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٤) انظر أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢٥٤).