للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثل من يملك عقارا أو سكنا يتضرر ببيعها في الحال، ولا نقد عنده يؤدي منه الدين (١).

فهذه يشرع في حق الدائن أن ينظره، وهل يجب؟ فيه خلاف عند أهل العلم.

قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره " التحرير والتنوير " في قوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (٢) قال: " ... وإن أريد بالعسرة ضيق الحال، وإضرار المدين بتعجيل القضاء، فالطلب يحتمل الوجوب، وقد قال به بعض الفقهاء - ويحتمل الندب وهو قول مالك والجمهور، فمن لم يشأ لم ينظره، ولو ببيع جميع ماله؛ لأن هذا حق يمكن استيفاؤه، والإنظار من المعروف، والمعروف لا يجب، غير أن المتأخرين من الفقهاء بقرطبة كانوا لا يقضون عليه بتعجيل الدفع، ويؤجلونه بالاجتهاد، لئلا يدخل عليه مضرة بتعجيل بيع ما به الخلاص " (٣).

وقال ابن رشد الجد - رحمه الله -: وأما المعسر الذي ليس بمعدم، وهو الذي يخرجه تعجيل القضاء، ويضر به - فتأخيره إلى أن يؤسر، ويمكنه القضاء من غير مضرة تلحقه؛ مرغب فيه ومندوب إليه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أنظر معسرا أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (٤)»، والآثار في ذلك كثيرة، والمطل بالأداء وهو جاهد فيه غير


(١) انظر: قضايا فقهية معاصرة د. نزيه حماد (ص ٣٢٨).
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٠
(٣) التحرير والتنوير (٣/ ٩٦).
(٤) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رقم ٣٠٠٦، والإمام أحمد في مسنده ٢٤/ ٢٧٩ واللفظ له.