وكان الشيوخ بقرطبة - رحمهم الله - يفتون بتأخيره بالاجتهاد على قدر المال وقلته، ولا يوكلون عليه في بيع عروضه وعقاره في الحال، وعلى ذلك تدل الروايات، خلاف ما كان يفتي به سائر فقهاء الأندلس من التوكيل عليه ببيع ماله، وتعجيل إنصافه.
والمدين المعسر سواء كان معدما (١) أو مقلا فقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - فضل إنظاره، وثوابه وما أعده الله له.
فمن تلك الأحاديث: ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي اليسر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كان لي على فلان ابن فلان الحرامي مال فأتيت أهله فسلمت، فقلت ثم هو، قالوا: لا، فخرج علي ابن له صغير، فقلت: أين أبوك، قال، سمع صوتك، فدخل أريكة أمي، فقلت: أخرج إلي، فقد علمت أين أنت فخرج فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني، قال: أنا والله أحدثك ثم قال لا أكذبك: خشيت والله أن أحدثك فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وكنت - والله - معسرا، قال: قلت: آلله قال:
(١) خلافا للطحاوي؛ لأن الدائن قد يلح على المدين ليستدين له فإذا علم فضل إنظاره فإنه ينظره.