للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه الروايات تدل على تحريم زيارة القبور على النساء؛ فإن لعنة الشارع على الفعل من أدل الدلائل على تحريمه.

أما دعوى نسخ هذه الأحاديث بما في الحديث الصحيح: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها (١)» بناء على أن الإناث يدخلن في خطاب الذكور. فيرده أن محل دخولهن فيه حيث لم يوجد دليل صريح قاض بعدم الدخول كوجود أحاديث لعنة زائرات القبور هنا؛ فإن ذلك من أظهر القرائن على عدم تناول خطاب الإذن لهن، كما بينه العلامة ابن القيم في (تهذيب سنن أبي داود) قال: فإن قيل: إن تعليل الإذن في زيارة القبور في بعض روايات حديث الإذن بتذكر الآخرة يؤيد القول بالنسخ؛ فإن تذكر الآخرة مصلحة يشترك فيها الرجال والنساء. نقول إن مصلحة تذكرهن الآخرة عارضها ما يقارن زيارتهن من فتنة الأحياء وإيذاء الأموات والتبرج وغير ذلك من المفاسد التي لا سبيل إلى دفعها إلا بمنعهن، ومبنى الشريعة على تحريم الفعل إذا كانت مفسدته أرجح من مصلحته، ورجحان هذه المفسدة لا خفاء فيه، فمنعهن زيارة القبور من محاسن الشريعة.

ولهذا مال كثير من أهل العلم إلى استمرار النهي عن زيارة القبور في حق النساء، فقال الحافظ المنذري في (الترغيب والترهيب): قد كان النبي صلى الله عليه وسلم نهاهن عن زيارة القبور نهيا عاما للرجال والنساء، ثم أذن للرجال في زيارتها، واستمر النهي في حق النساء. وقال جامع


(١) مسلم الأضاحي (١٩٧٧)، النسائي الضحايا (٤٤٢٩)، أبو داود الأشربة (٣٦٩٨)، أحمد (٥/ ٣٥٥).