للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله ما تولى ويتركه لما اختاره لنفسه ويخذله لا يوفقه للخير لكونه رأى الحق وعلمه وتركه، فجزاؤه من الله عدلا أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى ضلاله كما قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (١) وقال: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (٢) ويدل مفهوم الآية على أن من اتبع سبيل المؤمنين يحفظه الله ويعصمه ويوفقه ويهديه كما قال في يوسف: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (٣)، وأولى سبيل المؤمنين بالاتباع سبيل الصحابة رضوان الله عليهم فهو أفضل السبيل وأكمله كيف ولا هم أفضل قرون بين آدم كما ثبت بذلك الحديث عنه صلى الله عليه وسلم «خير الناس قرني (٤)» وقال: «بعثت من خير قرون بين آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت فيه (٥)» فاتباعهم رضي الله عنهم هو أتم الاتباع وقد قال فيهم صلى الله عليه وسلم: «أصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون (٦)» فهذه شهادة منه صلى الله عليه وسلم أن أصحابه أمان لأمته من ظهور الشرك والبدع ما بقي منهم أحد في الأمة،


(١) سورة الصف الآية ٥
(٢) سورة الأنعام الآية ١١٠
(٣) سورة يوسف الآية ٢٤
(٤) متفق عليه، البخاري مع الفتح ٥/ ٢٥٩، ومسلم ٤/ ١٩٦٣.
(٥) أخرجه البخاري، الصحيح مع الفتح ٦/ ٥٥٦.
(٦) أخرجه مسلم ٤/ ١٩٦١.