للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثا: أنه لا يظن بالصحابي أن يقول بخلاف ما يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وعنده معارض راجح.

وقد وردت آثار عن بعض السلف أشرت إلى تسميتهم عند ذكر القول، ومنهم سعيد بن المسيب. وهناك أدلة من النظر، أشير إلى أهمها:

أ- أن الوضع مقابل التعجيل ضد الربا، فإن الربا يتضمن الزيادة في الأجل والدين، وذلك إضرار محض بالغريم، ومسألتنا تتضمن براءة ذمة الغريم من الدين، وانتفاع صاحبه بما يتعجله، فكلاهما حصل له الانتفاع من غير ضرر، بخلاف الربا المجمع عليه فإن ضرره لاحق بالمدين، ونفعه مختص برب الدين، فهذا ضد الربا صورة ومعنى (١).

وهذا معنى ظاهر، وتكييف صحيح، وبه نستطيع الجواب عمن شبه المسألة بالربا، فمن تأمل (ضع وتعجل) تبين أنه لا يمكن تشبيهها بالربا، بل العلاقة بينها وبين الربا عكسية.

ب- أن الإسلام جاء بسد الذرائع، ومقابلة الأجل بالزيادة في الربا ذريعة إلى أعظم الضرر، وهو إشغال الذمة بغير فائدة، وفي الوضع والتعجيل تخلص ذمة المدين من الدين وينتفع الدائن بالتعجيل (٢).

ج- أن الشارع له تطلع إلى براءة الذمم من الديون، وسمي الغريم المدين أسيرا، ففي براءة ذمته تخليص له من الأسر، وهذا ضد


(١) انظر: إغاثة اللهفان ٢/ ١٣، وإعلام الموقعين ٣/ ٣٥٩.
(٢) انظر إغاثة اللهفان ٢/ ١٤.