للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمس النساء في نقضه للوضوء خلاف بين العلماء:

فمنهم من قال: إنه ينقض مطلقا كالشافعي – رحمه الله (١).

ومنهم من قال: إنه لا ينقض مطلقا، كأبي حنيفة – رحمه الله (٢).

ومنهم من قال: ينقض مع الشهوة، يعني: لمسها بتلذذ وشهوة ينقض الوضوء، وإلى ذلك ذهب الإمام أحمد – رحمه الله (٣).

والصواب في المسألة – وهو الذي يقوم عليه الدليل – هو: أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كان عن شهوة أم لا، إذا لم يخرج منه شيء، لأنه صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، ولأن الأصل: سلامة الطهارة وبراءة الذمة من وضوء آخر، فلا يجب الوضوء إلا بدليل سليم لا معارض له؛ ولأن النساء موجودات في كل بيت غالبا، والبلوى تعم بمسهن من أزواجهن وغير أزواجهن من المحارم، فلو كان المس ينقض الوضوء لبينه النبي – صلى الله عليه وسلم – بيانا واضحا، وأما قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (٤). وفي قراءة أخرى (لمستم النساء) فالمراد به: الجماع، فكنى الله بذلك عن الجماع،


(١) ينظر: «الحاوي» للماوردي (١/ ٢٢١)، و «المجموع شرح المهذب» للنووي (٢/ ٢١).
(٢) ينظر: «المبسوط» للسرخسي (١/ ٦٧).
(٣) ينظر: «المغني» لابن قدامة (١/ ١٩٢).
(٤) سورة النساء الآية ٤٣