للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقدمة النوم، فإذا قيل: لا تأخذه سنة دل على أنه لا يأخذه نوم بطريق أولى (١).

قلت: وهذا غير مسلم للرازي، لأن النوم قد يحصل دون نعاس ابتداء، ولا يستلزم نفي السنة نفي النوم، والنعاس يستطيع الإنسان دفعه، أما النوم فقد لا يستطيع دفعه.

كذلك فإن تكرار لا النافية في قوله ولا نوم تفيد تأكيد نفي النوم عنه – عز وجل – لذلك لو اقتصر النفي في القرآن على السنة فقط لم يفد ذلك نفي النوم، وحاشاه أن ينام.

ولا نوم النوم معروف للجميع، وهو يستغرق الحواس "وهو أمر جسماني محض، وربنا – عز وجل – منزه عن صفات الأجسام وعوارضها، وكيف يحدث ذلك للقيوم – سبحانه – الذي قام بنفسه، بما هو عليه من كمال الغنى والعظمة، وقام بجميع المخلوقات (٢).

والنوم يقطع التعب والعناء، والذي يتعب ويحس بالعناء هو المخلوق، أما الخالق فلا يتعب ولا يحتاج إلى راحة أو نوم لكمال صفاته وأسمائه، لكن المخلوق الضعيف يحتاج إلى النوم والاسترخاء والنعاس قال تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} (٣)، وقال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} (٤).


(١) التفسير الكبير الفخر الرازي ١/ ٣٠٧ - ٣٠٨.
(٢) تفسير آية الكرسي عبد الرحمن الدوسري ٣٠.
(٣) سورة النبأ الآية ٩
(٤) سورة الفرقان الآية ٤٧