للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالله – سبحانه وتعالى – يعلم ما كان وما سيكون في المستقبل، وما لم يكن لو كان كيف يكون، ويعلم أحوال المكلفين قبل إنشائهم وحين أنشأهم وبعد مماتهم وبعدما يحييهم، فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، فعلمه محيط بكل شيء، بالواجبات والممتنعات والممكنات، فيعلم تعالى نفسه الكريمة، ونعوته المقدسة وأوصافه العظيمة، وهي الواجبات التي لا يمكن إلا وجودها، ويعلم الممتنعات حال امتناعها، ويعلم ما يترتب على وجودها لو وجدت كما قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (١).

وقال تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٢).

فهذا وشبهه من ذكر علمه بالممتنعات التي يعلمها، وإخباره بما ينشأ عنها لو وجدت على وجه الفرض والتقدير، ويعلم تعالى الممكنات، وهي التي يجوز وجودها وعدمها، ما وجد منها وما لم يوجد، مما لم تقتض الحكمة إيجاده، فهو العليم الذي أحاط علمه بالعالم العلوي والسفلي، لا يخلو عن علمه مكان ولا زمان، ويعلم الغيب والشهادة، والظواهر والبواطن، والجلي والخفي، قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٣) (٤).


(١) سورة الأنبياء الآية ٢٢
(٢) سورة المؤمنون الآية ٩١
(٣) سورة البقرة الآية ٢٣١
(٤) الحق الواضح المبين ٣/ ٢٣٠.