للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن هذا التأويل الظاهر سائغ في اللغة، مستعمل فيها كثيرا، وإذا ورد حديثان مختلفان ظاهرا وجب الجمع بينهما، وقد وردا ها هنا فيجب الجمع، وقد جمعنا) (١).

والقول بأن المنفي كمال الإيمان يحتمل أن المراد كماله المستحب، أو كمال الواجب، ولشيخ الإسلام ابن تيمية بحث في ذلك ساقه الشيخ سليمان بن عبد الله ملخصا؛ إذ يقول: "لا يعهد في لسان الشرع نفي اسم مسمى أمر الله به ورسوله إلا إذا ترك بعض واجباته، فأما إذا كان الفعل مستحبا في العبادة لم ينفها لانتفاء المستحب، ولو صح هذا لنفى عن جمهور المؤمنين اسم الإيمان والصلاة، والزكاة، والحج، وحب الله ورسوله؛ لأنه ما من عمل إلا وغيره أفضل منه، وليس أحد يفعل أفعال البر مثل ما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، بل ولا أبو بكر ولا عمر، فلو كان من لم يأت بكمالها المستحب يجوز نفيها عنه، لجاز أن ينفى عن جمهور المسلمين من الأولين والآخرين، وهذا لا يقوله عاقل.

وعلى هذا فمن قال: إن المنفي هو الكمال، فإن أراد الكمال الواجب الذي يذم تاركه، ويتعرض للعقوبة، فقد صدق، وإن أراد


(١) نقله في التوضيح ١٢٧ - ١٢٨، وهو في: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ٢/ ٥٥.