ومن هنا كان فهم أبي ذر أن الأمر بكتمان إسلامه في مكة إنما هو لمجرد الشفقة عليه، وليس أمر إلزام، ولذا لم يجد حرجا أن يعلن للرسول - صلى الله عليه وسلم - عن عزمه على إظهار إسلامه على الملأ من قريش، قال ابن حجر:"وكأنه فهم أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - له بالكتمان ليس على الإيجاب بل على سبيل الشفقة عليه، فأعلمه أن به قوة على ذلك، ولهذا أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك"(١). فعمد أبو ذر - رضي الله عنه - إلى المكان الذي تنتصب فيه آلهة قريش، وقريش تحت أقدام تلك الآلهة المزعومة، ورفع كلمة التوحيد.
- أما في جانب العبادة التي يقوم بها المدعو في هذه المرحلة: فلا ريب أنها كانت تحت طائلة عقوبة قريش إن كانت على جهة الإعلان والتحدي لعقيدة الشرك السائدة في مكة. ولهذا كانت غالبا ما تؤدى في السر كما تقدم.