ومما يتصل بهذا الجانب أن الدعوة إلى الله في طورها السري كانت تسير ببطء وتؤدة، إذ رأينا أن الذين تمت دعوتهم هم عدد قليل جدا مقارنة بالمدة الزمنية للمرحلة التي استمرت قرابة ثلاث سنوات. رغبة في التركيز والاختيار البصير للمدعوين الذين يكونون أكثر قدرة على تحمل مسئولية الإيمان وهو فعلا ما تحقق فيما بعد، فقد كان كل واحد من المدعوين لديه قدرة على تحمل الضغوط الوثنية القاسية التي تفتن المرء عن دينه إلا أن يشاء الله.
- الدعوة اتسمت بالشمول فيما يتعلق بالمدعوين: رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ انطلاقتها في هذه المرحلة إلى ختامها اتسمت بخاصية الشمول، فمع أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يدعو أقرباءه اللصيقين به ومن كان يأنس فيه الاستعداد لقبول هذه الدعوة من غير الأقارب على ضوء ما سبق، إلا أن ذلك لم يخص فئة دون أخرى بل شمل الجميع، كما يتضح من التصنيف الآتي للمستجيبين، وهم:
- الضعفاء: كان من المدعوين صهيب الرومي وبلال الحبشي وهما من أوائل من دخل في الدين الذي لا يفرق بين عربي وأعجمي ولا فضل فيه لأحد إلا بالتقوى، وهذا يدل على أن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - تتسم بخاصية الشمول حتى وهي في طور الاستسرار.
- الأقوياء: كما أن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه المرحلة شملت الأغنياء