فالذي يتوجب إذن هو "الدعوة الجهرية" وقد أمر الله تعالى نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة في قوله تعالى:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}(١).
بل يمتد هذا الفهم للحديث الشريف إلى موضوع أدق من الدعوة سرا وخفاء إلى كل ما يتناوله الاستخفاء، ويشمله من موضوعات لها تعلق بأمر المسلمين العام للتواصي عليه دون العلماء وولاة الأمر، فعن زيد بن أسلم العدوي عن أبيه - رضي الله عنه - قال:"بلغ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – أن ناسا يجتمعون في بيت فاطمة، فأتاها فقال: يا بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ما كان أحد من الناس أحب إلينا من أبيك، ولا بعد أبيك أحب إلينا منك، ولقد بلغني أن هؤلاء النفر يجتمعون عندك، وايم الله! لئن بلغني ذلك لأحرقن عليهم البيت. فلما جاءوا فاطمة؛ قالت: إن ابن الخطاب قال كذا وكذا، فإنه فاعل ذلك، فتفرقوا حين بويع لأبي بكر - رضي الله عنه -.
ولقد كان هذا المسلك من سمات أهل الزيغ والأهواء في زمن مضى، فقد روى الأوزاعي - رحمه الله – قال: قال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -: "إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم بشيء دون العامة؛ فاعلم أنهم على