للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك " أن الله تعالى حرم الجمع بين الأم وابنتها في النكاح وبين الأختين وجاء في القرآن {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (١) النساء ٢٤، فجاء نهيه عليه الصلاة والسلام عن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها من باب القياس، لأن المعنى الذي لأجله ذم الجمع بين أولئك موجود هنا " (٢).

ثمرة الخلاف:

يرى الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله - والدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي أن الخلاف لفظي لأن الفريقين متفقان على وجود أحكام جديدة في السنة لم ترد في القرآن الكريم نصا ولا صراحة (٣).

فأصحاب الرأي الأول يقولون: إن هذا هو الاستقلال في التشريع لأنه إثبات أحكام لم ترد في الكتاب.

وأصحاب الرأي الثاني - مع تسليمهم بعدم ورودها بنصها في القرآن الكريم - يرون أنها داخلة تحت نصوصه بوجه ما.

وقد ذم الشاطبي رحمه الله من دعا إلى ترك السنة أو شيء منها، ووصف أولئك بأنهم لا خلاق لهم وبأنهم انخلعوا عن الجماعة، وأولوا القرآن على غير ما أنزل (٤).

لأنه وإن وردت أصول كافة القضايا في القرآن الكريم، فإن في السنة بيانا لا غنى عنه من توضيح المجمل وتقييد المطلق وتخصيص العموم (٥).

وقد بين الإمام ابن القيم رحمه الله أن ما كان من السنة زائدا على القرآن فهو تشريع مبتدأ من النبي - صلى الله عليه وسلم -: تجب طاعته فيه، ولا تحل معصيته، امتثالا لما


(١) سورة النساء الآية ٢٤
(٢) الموافقات ص ٤٣، وانظر أدلة الأحكام الشرعية في أصول الشاطبي للباحث ص ٢٠ - ٢١.
(٣) السنة ومكانتها ٣٨٥، أصول مذهب الإمام أحمد ٢٢٠.
(٤) الموافقات ٤ - ١٧.
(٥) الموافقات ٢٠ - ٢١.