ومع ذلك فلم يجتمعوا، ولم تتبلور عقائدهم على ما صارت إليه إلا بعد حادثة التحكيم.
فالصحيح أن هؤلاء كانوا نواة للخوارج، إلا أن خروجهم الحقيقي كان في عهد علي - رضي الله عنه - فقد كانوا معه في حربه، فلما رفعت المصاحف في موقعة صفين، ألجئوا عليا إلى قبول ذلك وقالوا له: يا علي أجب إلى كتاب الله إذ دعيت إليه، وإلا دفعنا برمتك إلى القوم، أو نفعل بك ما فعلنا بابن عفان، إنه غلبنا أن يعمل بكتاب الله فقتلناه، والله لتفعلنها أو لنفعلن بك (١).
فلما قبل علي بذلك وكتب الكتاب بقبول التحكيم، أنكرت الخوارج ذلك، وحين رجع إلى الكوفة فارقته إلى مكان يقال له حروراء، ثم أرسل إليهم ابن عباس فناظرهم فرجع جماعة منهم، ثم خرج إليهم علي - رضي الله عنه - فأطاعوه ودخلوا معه الكوفة، وأشاعوا أن عليا تاب من الحكومة، فخطبهم وأنكر ذلك، فتنادوا من جوانب المسجد: لا حكم إلا لله، فقال - رضي الله عنه -: كلمة حق يراد بها باطل، وقال لهم: لكم علينا ثلاثة: أن لا نمنعكم من المساجد، ولا من رزقكم من