للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى علي رضي الله عنه ما فعله من قصد المصلحة من التحكيم ومحو اسمه وما تركه من سبي نساء المؤمنين وصبيانهم، فقد أنكر أولهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إعطاء المؤلفة قلوبهم مع ما فيه من المصلحة، وهذا إنما ينكره ذوو الدين الفاسد الذي لا يصلح به دنيا ولا آخرة، فلهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم وقال: «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد (١)» أي قتلا عاما مستأصلا، وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة (٢).

قال الآجري: " فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام عدلا كان الإمام أو جائرا، فخرج وجمع جماعة، وسل سيفه، واستحل قتال المسلمين، فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن، ولا بطول قيامه في الصلاة، ولا بدوام صيامه، ولا بحسن ألفاظه في العلم، إذا كان مذهبه مذهب الخوارج " (٣).

ويجدر هنا التأكيد على أن حسن النية، وسلامة القصد بمجردها لا تكفي، فالخوارج ضلوا من حيث أرادوا الخير (٤). وهذا يذكرنا بقول ابن مسعود - رضي الله عنه - لما رأى قوما في المسجد ينتظرون الصلاة معهم حصى وفيهم رجل يقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، ثم يقول:


(١) أخرجه مسلم (١٠٦٤).
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى ابن تيمية ٢٨/ ٤٩٧، ٥٠٢.
(٣) الشريعة، الآجري: ٢١.
(٤) تاريخ المذاهب الإسلامية أبو زهرة ص: ٧٦.