مؤلفاتهم وعقائدهم مطبوعة شهيرة ولا يوجد فيها هذه الألفاظ، فإنهم ينفون الصفات التي لم ترد في الوحيين ويتقيدون بالأدلة، ولكن أعداءهم يلزمونهم بلوازم باطلة، فإذا أثبتوا الاستواء كما يليق بالله أو فسروه بالعلو والارتفاع - كما قاله السلف وأهل اللغة - لم يلزم أنهم قائلون بالجلوس والقيام، فقد تكاثرت الأدلة على إثبات العلو الحقيقي بكل معانيه، وعلى إثبات العرش وأن الله تعالى مستو عليه كما يشاء، فليس لنا إنكار ذلك أو تسليط التأويلات التي هي تحريف للكلم عن مواضعه على تلك الأدلة واضحة الدلالة، فمتى ألزمنا أعداؤنا بلوازم باطلة زاعمين أنها تلزم من قال بموجب تلك النصوص لم نلتفت إلى تلك الإلزامات وأوضحنا خطأهم في هذا الإلزام. فأما إثبات النزول والمجيء فليس لنا إنكاره وقد صرحت به النصوص وتواردت على إثباته الأدلة التي لا تحتمل التأويل، ومع ذلك نتوقف عن الكيفية ونكلها إلى الله ولا نقول إنه إذا نزل يخلو منه العرش أو تحصره السماوات. . . إلخ، بل نقول إن الرسول الناصح لأمته - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر بهذا النزول وأن الله تعالى قد أخبر بالمجيء يوم القيامة فنحن نثبت ذلك كما ورد ولا نضيف إليه شيئا من عند أنفسنا فما ألزمونا به غير لازم.
فنقول: هذا تشبيه باطل وبعيد عن الصواب فما وجه الشبه؟! فإن النصارى زعموا أن اللاهوت وهو الإله اتحد بالناسوت وهو الإنسان أو عيسى، وقالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم، وقالت النصارى المسيح ابن الله، وذلك هو عين الكفر والضلال، فأما أتباع السلف والأئمة فما قالوا شيئا من قبل أنفسهم وإنما وصفوا الله تعالى بما وصف به نفسه أو وصفه به أعلم الخلق بربه وهو محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أثبتوا لله الصفات الواردة واعتقدوها حقيقة لتواتر النصوص بها، ثم نفوا عنها كل أنواع التشبيه وخصائص المخلوقين واعتقدوا أنها تليق بالله كما يشاء، لم يلزم أن يكونوا كالنصارى في قولهم باللاهوت والناسوت، وبكل حال فإن هذا الكاتب عليه أن يوجه عيبه ولومه إلى الأئمة المتبعين كمالك والشافعي وأحمد وإسحاق ونحوهم، فهل يتجرأ أن يقول عليهم إنهم وهابية وإنهم إخوان النصارى؟