للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: " لا تعجز " - بكسر الجيم وهو الأفصح - أي لا تفرط في طلب ذلك ولا تضعف عن القيام به، ولا تكسل وتتأخر في العمل إذا شرعت فيه، بل استمر؛ لأنك إذا تركت ثم شرعت في عمل آخر، ثم تركت ثم شرعت ثم تركت ما تم لك عمل.

وكان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبدأ بالأهم الذي تحرك من أجله (١).

وقوله: «فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا (٢)».

يعني: بعد أن تحرص وتبذل الجهد وتستعين بالله وتستمر، ثم يخرج الأمر على خلاف ما تريد فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا؛ لأن هذا أمر فوق إرادتك. أنت فعلت الذي تؤمر به، ولكن الله عز وجل غالب على أمره {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (٣).

فالإنسان إذا بذل ما يستطيع بذله، وأخلفت الأمور فحينئذ يفوض الأمر إلى الله؛ لأنه فعل ما يقدر عليه، ولهذا قال: " وإن أصابك شيء " يعني: بعد بذل الجهد والاستعانة بالله عز وجل، " فلا تقل


(١) جامع العلوم والحكم، ص (١٦٨)، ومنهل الواردين، د صبحي الصالح (١/ ١١٢).
(٢) صحيح مسلم القدر (٢٦٦٤)، سنن ابن ماجه الزهد (٤١٦٨)، مسند أحمد (٢/ ٣٧٠).
(٣) سورة يوسف الآية ٢١