للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله جل وعلا، الذي فهمه المسلمون الأوائل، وخاصة في القرون الثلاثة المفضلة، يقول سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١).

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا سمعت في كتاب الله يا أيها الذين آمنوا فأرعها سمعك، فما وراءها إما خيرا تؤمر به، أو شرا تنهى عنه.

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير الأمناء من البشر، وجبريل عليه السلام هو أمين الله على وحيه، وفي فتح مكة وتطهيرها من أدران الشرك، دعا عليه الصلاة والسلام بعثمان بن طلحة، خازن وحامل مفتاح الكعبة، فأخذه منه ودخلها وأزال ما فيها من أرجاس الجاهلية، وبعد ذلك تكلم والمفتاح بيده، وعمه العباس يتطلع إلى أن يعطيه إياه، حتى يحوز على أكبر قدر من المكانة، فلم يحابه أو يقدمه على غيره - عليه الصلاة والسلام -.

بل دعا بعثمان بن طلحة، وأعطاه المفتاح، قائلا: «خذوه خالدة تالدة، وتلا ما جاءه من وحي الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (٢). (٣)»


(١) سورة الأنفال الآية ٢٧
(٢) سورة النساء الآية ٥٨
(٣) ينظر تفسير ابن كثير، سورة المائدة، الآيات (١ - ٥).