فكيف يهون على هذا الإنسان أن يقصر في الأمانات مع الآخرين، حقوقا وودائع، ومع الله سبحانه، شرائع وعبادات فلا يؤدي حقها، ولا يصون أمانتها وثقلها.
إن حق الله أولى بالأداء، وأهم في الرعاية والمحافظة .. .
ولا مبرر لذلك إلا غلبة الهوى، وتسليم النفس الأمارة بالسوء القيادة .. فقادت صاحبها إلى الاستهانة بالحرمات، التي عظمها الله، وفي مقدمتها: الأمانة أيا كان نوعها .. والشاعر يقول:
من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام
ومن هانت عنده شرائع الله، واستخف بالحرمات، فمن باب أولى أن تهون عنده الأمانة، بمفهومها العام، لأنها مرتبطة بتقوى الله سبحانه، ومراقبته في السر والعلن، ولا يتساهل في الأمانة إلا من قدم شهوات نفسه، على أمر الله وأمر رسوله، فالنفس في حاجة للمجاهدة، وكبح جماحها، حتى لا تستسلم لما تميل إليه من ربح عاجل، نتج عن أكل حقوق الآخرين: ضعفاء لا يستطيعون المدافعة، وأيتام لا يدركون حقوقهم، ونساء يستغل ضعفهن، وعدم قدرتهن. فتضيع الأمانة مع أثرة النفوس، وغلبة الهوى، وحب الاستعلاء والشهوات، وغير ذلك من أمور تدخل تحت سقف الشهوات،