الصديق، وابن مسعود وحذيفة، وخالد بن الوليد، وأنس وعائشة، ولعل أمانته جاءت من ورعه، وزهده وقوة إيمانه، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال لأصحابه: أتمنى أن هذه الدار، مملوءة مثل أبي عبيدة بن الجراح.
فقد دخل عليه في بيته بالشام، رضي الله عنهما: فلم يجد فيه إلا سيفه وترسه ورحله، وهو مضجع على طنفسة رحله، متوسدا الحقيبة، فقال له: ألا اتخذت ما اتخذ أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين هذا يبلغني المقيل (١).
وأمانة المجالس وما يدور فيها، من أحاديث ولو كانت عابرة: في إفشائها ضياع للمصالح، وفتح لباب الحزازات التي قد تسبب الكراهية، وفتح باب القيل والقال، والغيبة، والنميمة التي هي الحالقة، والحسد، والبغضاء، الذي يأكل الحسنات، مع الآثار السيئة التي لا تخفى على العقلاء، ولذا كانت تقال هذه الكلمة: المجالس بالأمانات.
أما أمانة العبادات، فهي أمور بين الخالق والمخلوق، ودقيقة وذات حساسية، ولا يقويها ويمكنها، إلا الإيمان الراسخ، وتقوى الله: التي هي مراقبته سبحانه في السر والعلن، فإذا قوي الإيمان، اهتم
(١) حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني في نشر دار أم القرى بالقاهرة ج ١ ص ١٠١ - ١٠٢.