وفي قصة المرأة التي دخلت النار في هرة، حبستها ومنعتها من الطعام والشراب، حتى ماتت، لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، شاهد على ذلك.
فهذا الجزاء الذي أدخل هذه المرأة النار، جاء من ضياع الأمانة، وسوء الولاية كما هو نص الحديث.
ولئن اختلف المفسرون، وشراح الحديث، في مفهوم الأمانة بالتعريف الشامل، أو حصرها في جانب حدده بعضهم دون جانب، فإن جميع الدلالات تلك، التي جاءت عند ابن كثير رحمه الله وغيره، تلتقي في المفهوم العام للأمانة، مع الحقيقة الشرعية، في مفهوم الأمانة، وما يجب في أدائها، والمحافظة عليها، من حيث التعريف والتعظيم بما عظمه الله شرعا.
وجاء تعظيم الأمانة، لأن حملها ثقيل، والوفاء به أمر مشروع، ويؤصل ذلك ما جاء في كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من تخويف وعقاب، لمن يتهاون في أداء حقها، لما وراء ذلك من نكال أخروي أليم:{وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}(١).