للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل كانت الأمانة في كثير من الأوامر الشرعية، التي هي حق الله، ولا مطالب لها من البشر، وإنما هو ثواب أو عقاب من الله، في يوم المعاد، حين لا ينفع الندم، كما مر في حكاية الآدمي، الذي يطالب بأداء أمانة ضيعها في الدنيا، فيقول: كيف أؤديها، وقد انتهت الدنيا وما فيها، فتصور له كهيأتها التي يعرفها، ليحملها ويؤديها، وهو في نار جهنم، فإذا صعد بها تدحرجت عند بلوغ النهاية، وهوت في قعر جهنم، وهكذا يستمر معها صعودا ونزولا، إلى ما شاء الله، وما ذلك إلا تصوير محسوس، من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبيان لثقل الأمانة، التي عظم الله شأنها، ليحذرها كل مؤمن (١).

وقد مدح الله سبحانه المؤمنين وأعلى منازلهم، بحرصهم على أداء الأمانة، وتورعهم عن أخذ ما فيه شبهات، رعاية لحقها: أداء ومحافظة وتوعية، ومن أهمها أموال اليتامى وغيرهم المستحفظ عليها، ومثلا يحتذى، بوازع إيماني، وبتقوى الله فيما بينه، وبين الآخرين، فقال جل وعلا: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (٢)، بعدما أثنى الله عليهم سبحانه، بأداء أمانة التكليف، بأمور عديدة جاءت


(١) يراجع في هذا، تفسير ابن كثير، وتفسير السيوطي، لآية الأمانة في آخر سورة الأحزاب.
(٢) سورة المؤمنون الآية ٨