ثم قال الكاتب:(الصوفي) هو من عرف أن التوجه إلى الله والانقطاع إليه مما ينيل القصد ويهيئ النفس للملكية. . الخ.
أقول: قد ذكرنا أول الكلام تعريف الصوفية في أول الأمر، ثم ما آل إليه أمرهم وما دخل عليهم من البدع، ثم من الطرق التي أوقعت الكثير منهم في الخروج عن الإسلام كالحلول والاتحاد، فأما التوجه إلى الله والانقطاع إليه فهو صفة شريفة علية متى قصد منها الإقبال على العبادات والتفرغ لها والإعراض عن كل ما يشغل عن الطاعة ويعوق عن مواصلة السير إلى الله. وهذه طريقة أهل الزهد والعلم والعبادة من الصوفية السلفيين ومن غير الصوفية، ولم يزل في المسلمين قديما وحديثا خلق كثير وجمع غفير يشتغلون جل وقتهم بالعبادة القلبية الروحية، ويتوجهون إلى ربهم بقلوبهم، ويعلقون عليه آمالهم، وينقطعون إليه وحده، ويعرضون عما سواه، ولا ينافي ذلك إعطاء النفوس حظها من راحة ولذة مباحة من مأكل ومشرب ومنكح وملبس، وكذا الاشتغال بالكسب الحلال وجمع المال الذي تمس إليه الحاجة من وجوهه الجائزة كما أمر الله بذلك في قوله:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}(١) وكما في قوله تعالى: