للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثوبها من هنا أو هناك، فهذا معفو عنه إن كان بغير قصد، فإذا كان قد نهى عن إبداء زينة الثياب رغم كونها أبعد ما يكون عن إثارة الفتنة، فإن نهيه لما يكون أعظم فتنة، وهو الوجه يكون من باب أولى وأحرى.

الثاني: أن قوله في الآية التي تليها: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (١) دليل على أن الزينة المستثناة في الآية السابقة: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (٢) هي ظاهر الثياب، وأن الوجه من الزينة التي لا يجوز للمرأة أن تبديها لما يلي:

أولا: أن الجيب هو الجزء الذي يلي النحر، فهي مأمورة بإسدال الخمار على جيبها حتى تغطي نحرها، والجزء الذي يليه من صدرها؛ لأن الثوب الذي تقوم بلبسه المرأة في الغالب لا يغطي ذلك الجزء، فالأمر بإسدال الخمار على الجيب من أجل ستر النحر وما يليه أمر بتغطية الوجه، بل وأولى؛ لأن الوجه هو موضع الفتنة، وموضع الجمال، فهل يعقل أن يكون الأمر مقتصرا على تغطية ما هو أقل فتنة، وهو النحر، والشعر، وترك الوجه، وهو أصل الفتنة في المرأة كلها؟ فالقول بهذا فيه نسبة القرآن للتناقض، وحاشا كلام الله عن ذلك.

الثاني: أن في قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (٣) دليلا صريحا في إدناء الخمار من الرأس إلى الصدر. والوجه داخل في


(١) سورة النور الآية ٣١
(٢) سورة النور الآية ٣١
(٣) سورة النور الآية ٣١