للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحجاب، فلا يجوز أن نأخذ بأمر منسوخ كما في الخمر، فإنه كان مباحا في أول الإسلام، ثم حرم، ومثله نكاح المتعة كان مباحا ثم حرم، وهكذا غطاء الوجه كان جائزا في أول الإسلام ثم حرم، والعبرة إنما تكون بالحكم الناسخ، أما الحكم المنسوخ فلا يجوز الأخذ به بعد النسخ.

ودليل النسخ ما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك وفيه: ". . . «وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي (١)»

ويستدل به من وجهين:

الوجه الأول: أنه حديث صحيح وصريح في وجوب تغطية الوجه، وإذا وجب على أمهات المؤمنين مع علو أخلاقهن، وبعدهن عن كل ما يشين المرأة، فغيرهن من باب أولى.

الوجه الثاني: قولها «وكان رآني قبل الحجاب (٢)» فيه دليل على أن الحجاب لم يكن واجبا في أول الإسلام، ثم وجب بعد ذلك، فوجب حمل الأحاديث التي جاء فيها كشف وجه المرأة أنها كانت قبل فرض الحجاب، فهذا حديث صحيح، وصريح في محل النزاع وسالم من المعارض، فهو حديث محكم لا مناص من الأخذ به.


(١) من حديث عائشة رضي الله عنها، صحيح البخاري ج ٤، ص ١٥١٧، ح ٣٩١٠، باب حديث الإفك، صحيح مسلم ج ٤، ص ٢١٢٩، ح ٢٧٧٠، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف.
(٢) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٧٥٠، ٤٧٥٠)، صحيح مسلم التوبة (٢٧٧٠، ٢٧٧٠)، مسند أحمد (٦/ ١٩٨، ٦/ ١٩٨).