الرابع: ألا يخبر عدلان ببطلان المشهود به، فلو شهد عند الحاكم عدلان أن المدعي قبض دينه، أو أن الزوج طلق زوجته ثلاثا، أو أن المشتري أعتق العبد، أو أن الولي عفا عن القاتل لا يسعه أن يشهد بالدين والنكاح والبيع والقتل، وإن لم يكن المخبرون عدولا فالخيار للشهود إن شاءوا شهدوا بالدين وأخبروا القاضي بخبر غير العدول، وإن شاءوا امتنعوا عن الشهادة، وإن كان المخبر واحدا - عدلا أو فاسقا - لا يسعه ترك الشهادة.
الخامس: أن يكون القاضي الذي طلب الشاهد للأداء عنده عدلا، فلو كان غير عدل فإن للشاهد أن يمتنع عن الأداء حتى يشهد عند قاض عدل، لأنه ربما لا يقبل شهادته ويجرحه، وفي هذا ضرر أدبي للشاهد، وعلى هذا لو غلب على ظنه أنه يقبله - لشهرته مثلا - ينبغي أن يتعين عليه الأداء إحياء للحق.
السادس: ألا يقف الشاهد على أن المقر أقر خوفا إن كان يشهد على إقرار، فإن علم بذلك لا يشهد، فإن قال المقر: أقررت خوفا وكان المقرر له سلطانا فإن كان في يد عون من أعوان السلطان ولم يعلم الشاهد بخوفه شهد عند القاضي وأخبره أنه كان في يد عون من أعوان السلطان. وكذلك إذا خاف الشاهد على نفسه من سلطان جائر أو غيره وسعه الامتناع.
السابع: أن يكون موضع الشاهد قريبا من موضع القاضي، فإن كان بعيدا بحيث لا يمكنه أن يغدو إلى القاضي لأداء الشهادة ويرجع إلى أهله في يومه ذلك قالوا: لا يأثم، لأنه يلحقه الضرر بذلك، وقد قال الله تعالى:{وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ}(١).