فوجب منعا لما يصيب المشهود له والشاهد من الضرر أن يفكر في هذه المسألة كل التفكير حتى يتوصل إلى حل مانع من تلك الأضرار.
أقول: والحل الذي يمكن اتباعه في هذه المسألة في نظري هو أحد ثلاثة أمور:
الأول: أن يتكفل المشهود له بدفع نفقات الشاهد من أجرة ذهاب وإياب ونفقة طعام ومبيت. ووجهة النظر في هذا أنه صاحب المصلحة في هذه الشهادة، ولا يعتبر ذلك تهمة بالنسبة للشاهد؛ لأن هذا يدخل في باب إكرام الشهود الذي ورد به النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «أكرموا الشهود فإن الله تعالى يستخرج بهم الحقوق ويدفع بهم الظلم (١)».
الثاني: أن يكلف الشاهد بالمبيت لأجل أداء الشهادة ويحكم القاضي بنفقاته على المحكوم عليه. ووجهة النظر في هذا أن المحكوم عليه ظهر أنه مبطل في دعواه أو مماطل في أداء الحق وكل منهما ظلم والظالم يتحمل تبعات ظلمه.
الثالث: أن يذهب الشاهد إلى أقرب قاض له ويطلب منه إثبات شهادته ويرسل بهذه الشهادة إلى قاضي البلدة التي بها المشهود له. وهذا جائز كما نص عليه الفقهاء في باب كتاب القاضي إلى القاضي. وبأحد هذه الحلول تؤدى الشهادة ولا يحصل ضرر كبير على أي من الشاهد والمشهود له.
(١) سبق تخريجه والإشارة إلى تخريج الدكتور محمد الزحيلي له وقوله بأنه ضعيف إلا أنه استدرك وقال: لكن معناه صحيح. هذا وقد ذكر في مختصر شرح الجامع الصغير عند بيانه لمعاني الكلمات معنى إكرام الشهود بأنه يكون بملاطفتهم وإلانة القول لهم، انظر: مختصر شرح الجامع الصغير للمناوي ج١ ص٩٢، أدب القضاء لابن أبي الدم ص٩٨، كنز العمال ج٧ ص١٢.