للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال العلماء في القسم الأول الذي يستر فيه: " هذا الستر مندوب فلو رفعه إلى السلطان ونحوه لم يأثم بإجماع ولكن هذا خلاف الأولى، وقد يكون في بعض صوره ما هو مكروه ".

قال في مواهب الجليل: " وأما في أصحاب الحديث وحملة العلم المقلدين فيجب على من عرف أحوالهم السيئة ممن يقلد في ذلك ويلتفت إلى قوله أن يكشف أحوالهم لئلا يغتر بهم الناس ويقلد في دين الله من لا يجب تقليده، وعلى هذا اجتمع رأي الأئمة قديما وحديثا ".

وليس الستر هاهنا بمرغب فيه ولا مباح، وليس في الحديث ما يدل على الإثم في كشفه ورفعه إلى السلطان، وإنما فيه الترغيب على ستره، ولا خلاف أن رفعه للسلطان وكشفه لمعصية الله مباح له في هذه الحالة غير مكروه ولا ممنوع متى كانت نيته من أجل حصول عصيان المكشوف لله دون قصد كشف ستره للانتقام منه، لكنه لو قصد التشفي والانتقام فإنه يحرم منه ذلك لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١).

٢ - وقوله صلى الله عليه وسلم: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (٢)».

يدل هذا الحديث على فضل الستر على المسلمين وقد سبق إيضاح ذلك عند الكلام على الحديث السابق.


(١) سورة النور الآية ١٩
(٢) أخرجه مسلم بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه، انظر: صحيح مسلم ج٤ ص٢٠٧٤ صحيح مسلم بشرح النووي ج١٧ ص٢١.