للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - وما روى عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة (١)».

يدل هذا الحديث أن ستر العورات أمر جليل، وأن من رأى عورة وسترها فإن ثوابه من الله جزيل. وفي هذا حث كبير على ستر العورات.

٤ - وما أخرج أبو داود بسنده عن يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي عن أبيه «أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات، فأمر برجمه، وقال لهزال: لو سترته بثوبك كان خيرا لك (٢)».

يدل هذا الحديث على اتجاه الشارع إلى دفع العقوبات قدر الاستطاعة وحبه للستر على المسلمين، لأنه صلى الله عليه وسلم - وهو لا ينطق عن الهوى - حاول إرجاع ماعز عن إقراره، ولقنه ألفاظا تدل على صرف عبارة ماعز عن الجريمة التي يستحق العقاب عليها، فلو ذكر ماعز عبارة القبلة والغمز لسقط عنه الحد لعدم ثبوته بذلك، ولأن هزالا هو الذي أشار على ماعز أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويقر عنده ولم يكن شاهدا، لأن ماعزا إنما حد بإقراره، ومباشرة الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا التلقين بنفسه يدل على العطف


(١) رواه أبو داود بسنده عن عقبة بن عامر وسكت عنه، انظر: سنن أبي داود ج٤ ص٢٧٣.
(٢) انظر: سنن أبي داود ج٤ ص١٣٤ واللفظ له، نصب الراية ج٤ ص٧٤، الموطأ ج٢ ص٨٢١ ط دار إحياء الكتب العربية لعيسى الحلبي وشركاه، المستدرك ج٤ ص٣٦٣، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، جامع الأصول لأحاديث الرسول ج٣ ص٦٠٥. الدراية في تخريج أحاديث الهداية ج٢ ص١٧٠.