للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرحمة بالجاني ليترك أمره لله ليستغفر الله ويتوب إليه فيغفر له ويتوب عليه إن شاء، إنه هو التواب الرحيم (١).

هذا وقد تكلم الإمام كمال الدين بن الهمام في كتابه: شرح فتح القدير على الهداية عن هذا الحديث وغيره مما ورد في فضل الستر على المسلم وأفاض في ذلك ومما قال: " وتلقين ما يحصل به الدرء من رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالة ظاهرة على قصده إلى الستر، والستر يحصل بالكتمان، فكان كتمان الشهادة بالحدود مخصوصا من عموم تحريم الكتمان " (٢).

وصفوة القول في هذا أن الستر أفضل من الشهادة على الحدود للحديث السابق: «من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة (٣)» لكن إذا كان المشهود عليه متهتكا لا يبالي، فإن الشهادة عليه أفضل (٤).

٥ - ما روي عن مالك عن زيد بن أسلم «أن رجلا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأتي بسوط مكسور، فقال: " فوق هذا " فأتي بسوط جيد، لم تقطع ثمرته، فقال: " دون هذا " فأتى بسوط قد ركب به ولان، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلد، ثم قال: يا أيها الناس، قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله (٥)».


(١) انظر: نصب الراية ج٤ ص٧٦، نيل الأوطار مع المنتقي ج٧ ص١٠٨، شرح فتح القدير على الهداية ج٧ ص٣٦٨.
(٢) شرح فتح القدير على الهداية ج٧ ص٣٦٨، بشيء قليل من التصرف.
(٣) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٩٩)، سنن الترمذي البر والصلة (١٩٣٠)، سنن أبو داود الأدب (٤٩٤٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٢٥)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٠٠).
(٤) طرق الإثبات الشرعية لأحمد إبراهيم ص١٨٥.
(٥) الموطأ ج٢ ص٨٢٥.