للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ - الأدلة الكثيرة التي تنهى عن تقليد الآباء والرؤساء، مما ذم الله عليه الكفار كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (١) {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} (٢) {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (٣).

قالوا: وقد احتج بهذه الآيات في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أولئك من الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة الكفر والإيمان، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين من حيث إنه تقليد بغير حجة للمقلد، وإن اختلفت الآثام فيه (٤)

وقد جرت بين الفريقين مجادلات ومحاورات يقصر المقام عنها، غير أن ذا البصيرة لا يخفى عليه ما في أدلة المانعين من ضعف إذا أريد بها منع تقليد العامي للعالم، لأنه لم يقل على الله بغير علم، فأصل عمله فتوى المجتهد التي هي حكم الله، ثم إن استفتاءه للمجتهد من طلب العلم، أما الخطأ والكذب المحتملان فلا يمنعان


(١) سورة الزخرف الآية ٢٣
(٢) سورة الزخرف الآية ٢٤
(٣) سورة الزخرف الآية ٢٥
(٤) القول السديد للشنقيطي (١٢) والقول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد للشوكاني (٥٩) وما بعدها.